لا شك في أن المدخنين يشعرون بالضيق من اي حملة حتى ولو كانت محدودة تهدف الى محاربة التدخين، فهؤلاء يشعرون انهم مستهدفون ومحاربون. لكن، هل يجهل هؤلاء المدخنون ضرر التدخين؟ بالتأكيد انهم يعلمون هذا الضرر فعلى كل علبة دخان تحذير صحي يقول: «التدخين يضر بصحتك ننصحك بالامتناع عنه» ولو لم يكن ضرر الدخان أمرا ثابتا علميا لما تجرأت اي جهة رسمية او غير رسمية على محاربة التدخين من خلال تحذير المدخنين من ضرر السجائر التي يستمتعون بتدخينها،
ولو لم يكن ضرر التدخين مؤكدا طبيا لما سكتت الشركات المنتجة للدخان والمتاجرة به على الحملات التي يشنها اعداء التدخين على بضاعتهم التي تدر على المتاجرين بها مليارات الدولارات ولو لم يكن التدخين سببا رئيسيا لامراض قاتلة مثل السرطان لما خضعت الشركات المنتجة للدخان والمتاجرة به للتعليمات والأوامر الحكومية بضرورة وضع عبارة التحذير من التدخين المشار اليها آنفا.
وقد يكفي للدلالة على ضرر التدخين على صحة وبيئة الانسان ان الحملة المعادية وبشراسة له بدأت في البلدان التي تنتج مصانعها هذه الآفة، والتي استطاعت من خلال ترويج وسائل إعلامها المتنوعة ان تكتسح كل الكرة الارضية فلقد كانت الصحافة وافلام السينما والاعلانات الثابتة والمتحركة والارضية والتلفزيونية تصور التدخين على انه متعة ورمز للرجولة والحيوية والجاذبية وانه يريح الاعصاب المتوترة ويهدىء النفوس الثائرة، وعربيا سادت عبارة «دخن عليها تنجلي» للدلالة على ان التدخين يزيل الهموم وهي عبارة مستعارة من الماضي للدلالة على دخان النار وليس دخان السجائر ولكن هذه الاخيرة هي التي سادت، ربما لان المروجين للتدخين ارادوا ان يخترقوا القيم الدينية التي كانت تحرم التدخين والقيم الاجتماعية التي كانت تعتبر التدخين عيبا والمؤسف ان التدخين قد تغلب على الحواجز التقليدية ووقع في فخه حتى بعض الذين كانوا يحرمونه واولئك الذين كانوا يعتبرونه شائنا ولكن وبعد ان انتشر التدخين في شتى بقاع الكرة الارضية وتوغل في صدور مئات الملايين من البشر بدأت اضراره تظهر ولم تقتصر هذه الاضرار على ضعف جسدي او مشاركة الاسرة في مصدر دخل ولي امرها او تضرر شركاء المدخن او حرق ملابسه وفراشه بل ان الضرر كان اعظم فلقد ثبت طبيا وفي الدول التي كانت تصدًّر الدخان وتروج له ان الدخان خطر مؤكد على صحة الانسان وان هذا الخطر لا يقتصر على حياة المدخن وحده وإنما يشمل محيطه اي اسرته وجلساءه وزملاءه، فهؤلاء يستنشقون 30 بالمائة من السيجارة الواحدة تقريبا وبالتالي فانهم يقعون في دائرة الخطر.
وانا كمدخن سابق اعرف الاضرار الصحية والاجتماعية والبيئية للتدخين. والان، وبعض مضي ما يقارب السنوات الاربع على تطليق السيجارة بالثلاث اشعر انني افضل حالا واحسن مالا فلم اعد اخنق نفسي واسرتي او من حولي بسحب الدخان. من هذا المنطلق، ومن منطلق اليقين بالاضرار الصحية والبيئية للتدخين، فانني اشيد بهذه الحملة المباركة التي بدأتها «الوطن» وهي حملة تهدف الى حماية صحة الانسان من الامراض وتطهير بيئته من التلوث.
ونقول: ان الاضرار المادية على الرغم من جسامتها وتأثيرها على الوضع المادي للاسرة غير انها لا تقارن بالاخطار الصحية التي يعتبر المدخن احد ضحايا وليس المتضرر الوحيد.
ان التدخين عدو واضح وصريح للانسان فلماذا يصر بعض الناس على السماح للعدو بدخول رئاتهم وبيوتهم أليس هذا ضعفا وهل يعقل ان يعجز الانسان عن اتخاذ قرار التوقف عن معايشة الضرر؟! لقد فعلت ذلك شخصيا وفعله آلاف وآلاف قبلي وبعدي ومهما كانت الصعوبة ومهما كانت المعاناة فإن التوقف عن التدخين والاقلاع عنه ممكن ولا يحتاج الا لقرار يتم تنفيذه والالتزام به.
انشالله اوصلت المعلومه